أبواب... للدخول فقط
- الشخصيات:
1/ شابة ، طبيبة نفسانية ، حديثة التخرج.
2/ شاب ، طبيب معالج نفساني.
3/ رجل ، النزيل.
- المسرحية:
(مكان داخلي ، في مشفى للعلاج النفسي ، في إحدى غرف المرضى ، حيث التلفاز والمقاعـد ومكتـبة ، مكان مرتـب وراقـي)
(1و2 يتحدثان وهما على مسافة بعـيدة عـن 3 الذي بدا هادئـًا ، يشاهد التلفاز).
1 : أهو ذلك الرجل ، الذي يتحدث عنه الجميع؟
2 : هو بالفعل ، فكما ترين ، فلا أذكر بأنني قد دخلت عليه مسبقـًـا ، إلا وهو يشاهد التـلفاز.
1 : ما نوعـية تلك البرامج التي يهتم بها؟
2 : تجدينه تواقـًا للبرامج العلمية ، فهو يميل إليها كثيرًا.
1 : كل البرامج العلمية !!
2 : نعم ،، لكنه يهتم ببرامج عالم الحيوان.
(تدوّن هذا في دفتر ملاحظاتها).
1 : وما كل هذه الكتب التي هنا ،، أهي له؟
2 : نعـم.
1 : أيجد الوقت للقراءة؟
2 : يقرأ بين حين وآخر ، وقد لاحظنا بأن القراءة تعمل على هدوءه كثيرًا.
1 : في ماذا يقرأ؟
2 : حول الدين والسياسة والتاريخ ، والفن.
1 : قراءات عـشوائية؟
2 : لا ، ليست كذلك ، (يبتسم) وتستطيعين أن تتلمسي هذا لو وقعتي معه بحوار ما ، ستجدين نفسك في وسط مأزق كبير.
1 : دعنا الآن من هذا الحديث ،، لنذهب إليه ونتحدث معه.
(يذهبان نحو 3 الذي بدا مندمجًا مع التلفاز).
2 : مرحبا يا أستاذ.
3 : (يهم واقفـًـا ، يرحب) أهلا ً بالطبيب الشاب.
2 : كيف أنت اليوم؟
3 : (يـبتسم) عزيزي ، لا تحاول أن تتخذ من وظيفتك هذه ، أن تكون بمثابة الذي يربت على كتف مريضه العاجز.
2 : ماذا تـقصد؟
3 : شرح ذلك يطول ، يطول معك أنت بالتحديد.
2 : آنا أسمعـك.
3 : لا ، أنت لا تريد سماعي ، بل تريد أن تظهر لهذه الفتاة الحسناء مكنون عقلي ، (يغلق التلفاز وينتبه) ثم قل لي الآن أيها الطبيب ، منذ متى وأنت فاقد اللياقة؟
2 :...
3 : أوليس كان من الأجدر بك ... ، أن تعرفني على هذه الحسناء؟
2 :... ها!! أوه ،،... نعم ، (للفتاه) أعرفك على الأستاذ...
3 : قلت لك أن تعرفني ، ولا تعرفها علي ، (للفتاة) فلا بد وأنك أطلعتي ملفي الخاص.
1 : صحيح ،، تشرفت بمعرفتك.
3 : اعتذر نيابة عن الطبيب أيتها الحسناء ،، فصدقيني ، لا أسوء من أن ينسى الرجل وجود فتاة جميلة وهي بمقربه منه ، فأنتي إذن على علم باسمي ومرضي أيضـًـا ،، ومن هنا سيكون لي الشرف في التعرف عليك.
1 : آنا طبيبة نفسانية ، متخرجة حديثــًا ، ولدي بحث ميداني أعمل عـليه.
3 : من هنا أستطيع القول ، بأني أحد ساحاتك الميدانية؟... ، لعل هذا يكون من حسن حظي.
1 :...
3 : فأهلا بك بعالم المجانين.
(يضحك الجميع).
3 : أرجوك سيدتي ، ألا تفضلتي بتشريفي بالجلوس هنا.
(تجلس).
3 : نعم ، أخبريني الآن ، كيف لي أن أساعدك؟.
1 : قد ذكرت " أهلا بك بعالم المجانين " من هم المجانين برأيك؟
3 : (ينظر للطبيب)... ، عزيزتي ،، أترين هذه المكتبة ، وما تحتويه على كل هذه الكتب؟
1 : نعم رأيتها جيدًا.
3 : أنت مثلا ً ، ماذا تحبي أن تقرئي؟.
1 :... ، في مجال تخصّصي.
3 : آنا لم أقل ماذا (يؤكد) يجب أن تقرئي ، بل ماذا تحبي أن تقرئي.
1 : (ترمق الطبيب بنظرة إعجاب مما بادر به 3)... الروايات الغرامية.
3 : لكن لا يوجد لدي روايات غرامية.
1 :...
3 : سألتك إن كنت ، قد أرأيت تلك المكتبة وما بها من كتب؟ فأجتيني بأنك رأيتها جيدًا.
1 :...
3 : دعينا من هذا الأمر الآن ، لو لم تتوفر لديك أيتها القارئة العزيزة ، إلا تلك الكتب ، فأي من هذه الكتب سيكون قريب إلى قلبك.
1 : إذن يجب أن اطلع عليها أولا ً ، أليس كذلك؟.
3 : صحيح ، أرجوك ، خذي وقتـك.
(تتوجه لقراءة عنواين الكتب.)
(الطبيب الشاب ، يأخذ رجل3 جانبًا)
3 : (يربت على كتـفه) كيف هو حالك اليوم؟
2 : بخير.
3 : أراك تتبهى كثيرًا بوجودي هنا.
2 : ماذا؟! وكيف يكون ذلك؟
3 : شخص مثلي ، لا بد وأن يكون بالنسبة لك كتحفة ثمينة ، تجد من خلالها مكانة علمية لوضعك الحقيقي.
2 : (يـبتسم) جيد أن تعرف... ، بأنك تحفة ثمينة.
3 : لا تـبتـسم ،، وأنا أتحدث معك بجدية.
2 : وهل تريد مني أن أعبس بوجهك؟!
3 : أرأيت؟ بأن الخيار الوسط لا وجود له لديك!! ، فعندما أتحدث معك حول جدلية ما ، تفاجئني بابتسامه ، وهي تعبر عن عجزك في المناقشة وتحاول من خلالها التعالي على من هو أمامك ،، وهي ليست إلا ّ وسيلة للتهرب والتملص من الإجابة ، وهو دليل على عجزك.
2 : لا أسـتحق منك كل هذا الهجوم.
3 : لا تحاول أن تكون بمصاف الضحية ، فهو سيضاف إلى رصيدك الخاوي.
2 :...
3 : كما إني لا أشك بأنك تستدرج (يشير للفتاة) ضحاياك من خلال وجودي هنا.
2 : (يـبتــسـم)...
(تأتــي 1).
1 : إن كان لا بد من فرضيتك ، فسأختار... هذا الكتاب.
3 : إذن هذا هو حالي ، مع الأطباء النفسانيون.
1 : وكيف يكون هذا؟
3 : آنا من بين كل النزلاء ، كهذا الكتاب الذي بين يديك ، وهذا طبعـًا بالنسبة لكم أيها الأطباء.
2 : حـسنـًـا ، أكتفي بوجودي هنا ، (لـ3) سأتركك بصحبة ضيفتك ، وسأنضم لكما لاحـقـًـا.
1 : شكرًا لك يا طبيب.
(2 يخرج).
(3 يأخذ الكتاب من يد 1).
3 : إن تسمحي لي من فضلك.
1 : بكل سرور.
3 : قولي لي ، لماذا أعجبت بهذا الكتاب بالذات من بين أمهات الكتب هذه؟
1 : لأنني أحب الاطلاع على الأخبار والسير التاريخية وحكايات التراث وقصصه.
3 : لربما علمتي ، بأنني لا أهتم بمجال واحد للإطلاع والقراءة.
1 : لذا فأنت تهتم بالفن وأمور الدين والسياسة والتاريخ.
3 : بجانب الفلسفة والفيزياء الطبيعية ، وقراءات شتى.
1 : أوتجد وقت كاف ٍ ،، لكل هذا؟!
3 : (يتساءل) أجد الوقت؟! (يبتسم) وما هو الوقت في نظرك؟
1 : لا لا أسمع ، فآنا لا أرغب بأن أخوض معك مناظرة فلسفية حول مسألة الوقت ، أرجوك ،، فلا بد وأنك تستمتع بهذا النوع من المنازلات.
3 : لا لا ، فأنت مخطئة ، فلا حاجة لي بمثل ما وصفت ، لكني أرغب بالتعرف على استعداداتك الفطرية في الأمور والتحاليل الفلسفية ليس إلا ّ.
1 : وما يهمك أن تعرف هذا من الذي هو أمامك؟
3 : كي أعرف على أي مستوى هو من الفهم وللإدراك ، بهذا أستطيع تحديد ولو جزئيا على أي وتيرة يكون عليه النقاش.
1 : إذن تحدث بالطريقة التي تراها أنت مناسبة لك ، وأرجو أن لا تتخذني كالفأر لتجاربك.
3 : معاذ اللة في أن تكوني كذلك ، فأنت أسمى من أن يتم تشبيهك بالفأر ،، إذن ، أين كنا قد انتهينا؟
1 : (تدوّن) الوقت الكافي.
3 : نعم صحيح ، لا يا عزيزتي ، فأنا أعتبر نفسي أمام معلـّـم وعالم كبير (يشير للمكتب) وهذا المعلم يتحدث إلي ، وآنا استمع له من خلال القراءة ،، لكني لا أنكر بأن قراءاتي غير منظمة ، فأنا مدمن ،، أتعطى الكتب.
1 : أو ربما لا تعرف ما تريد.
3 : أعرف بأنني أريد كل شيء تقريبا.
1 : تريد كل شيء تقريبا ، أم تريد أن تعرف كل شيء تقريبا؟
3 : لا ، بل أن أريد كل شيء ،، فمعرفة كل شيئ هو ضرب من المستحيل.
1 : حسنا ، لو كنت شخص مخير الآن ، بماذا ستبدأ؟
3 : ما عساي أن أختار ، وأمامي أمر لا يمكن تجاهله أيتها الحسناء ، ليتني كنت شاعرًا لنظمت بحقك ما عجزت عنه القصائد.
1 : (بخجل) أشكرك.
3 : هي الحقيقة ،، فلا أجمل من ترى المرأة جمالها على لسان وعيون الرجال.
1 : أنت تبالغ.
3 : وحتى لو كنت أبالغ ،، فهذا أيضـًا... يسعد المرأة.
1 : أراك خبيرًا ،، فلا تنزعج مني لو قلت ، بأن من حسن حظ الكثير من الرجال بأنك...
3 : مجنون؟
1 : لا لا عفوًا ،، بل بأنك قيد الإقامة هنا.
3 : والنساء؟
1 : ما شأنهن؟!
3 : هل من حسن حظهن ،، بأنني قيد الإقامة هنا رأيك؟!
(تصمت ، ثم تتدارك).
1 : لا أعرف... ،، بماذا أجيبك.
3 : أفعلا ترين أن وجودي هنا ،، قد خدم الكثير من الرجال؟
1 : لا ، لم أقصد هذا تحديدًا.
3 : فماذا كنت تقصدين إذن؟!
1 :... ، أسمع ،، لقد صرفتني عن ما أنا كنت في صدده ، وأتيت من أجله (تفتح دفتر المذكرة التي بيدها ، لتكتب) قل لي لو سمحت ، عندما كنت طفلا ً هل...
(يتقدم منها)
3 : أرجوك ، اتركي هذا الأمر الآن.
1 : لكني...
3 : (يأخذ منها المذكرة بهدوء) صدقيني أيتها الحسناء ،، فهذه الأوراق لا تحتاج إلى ما سيكتب عليها.
1 : ها!! ،، تحتاج ماذا إذن؟!
3 : تحتاج أن تكون هذه الأصابع (يدها) تسطر عليها ما يدور في وجدانك وخلدك.
1 : أنا... ، أنا طبيبة وأحتاج...
3 : إذن أنت التي تحتاجين ، وليست الأوراق.
1 :... ، (تبتعد) احتاج ماذا؟
3 : الحب ، العطف ، والاهتمام ، والحنان والسكينة والهدوء.
1 : ومن قال بأني بحاجة لكل هذا.
3 : بل وتحتاجين أكثر.
1 : أرجوك ،... ، سـ ، سأراك في وقت لاحق.
3 : أواثـقة أنت؟
1 : من مـاذا؟
3 : أرجوك أن تبقي ، وهذا ليس من أجلي ، لكن من أجلك أنت.
1 : من أجلي أنا؟!
3 : نعم ، فلا أراك إلا وأنت تحتاجيـن أنت تتحدثي معي.
1 : هذا... ، هذا آخر ما احتاج إليه.
3 : ربما أكون آخر ما تحتاجين إليه الآن فعلا ً.
1 : ماذا تعني؟
3 : لا أعني شيء ،، فالتحدث إلي هو في صالحك.
1 : وكيف يكون هذا؟!
3 : لأنني في نظر الجميع ،، مجنون.
1 :...
3 : نعم ، وأنتي على يقين بذلك ، فأنت تتحدثين إلى مجنون ، لكنك تناسيتي هذا ولو قليلا ً ،، أتراني مجنون في نظرك؟
1 : لم آتي إلى هنا كي أقيــّـم وأشخص حالتك ، أنا فقط أعد دراسة ميدانية.
3 : أعرف هذا ،، لكني أسألك ،، أترين بأنني مجنون؟
1 :...
3 : تخجلين الجواب أيتها الطبيبة الحسناء؟!
1 : نعم.. مجنون.
3 : (يبتسم) تجاوبينني بهذا لأنك غاضبة.
1 : لا.
3 : بلا ،، ولن يثـنيـني جوابك عن على ما أنا ساع إليه ، ولن يصادر علي اهتمامي بك.
1 : اهتمامك بي؟! لماذا هذا الاهتمام؟
3 : أجيبيني أيتها الطبيبة الشابة ،، أفعلا بأن النساء يرغبن برجل عاقل؟
1 : هذا... ، هذا... ، هذا يعتمد.
3 : وأنت؟!
1 : لا شأن لك بي.
3 : إذن الجواب ، لا.
1 :...ماذا تحاول أنت تثبت لي أيها الرجل؟!
3 : ماذا أحاول أن أثبت للطبيبة؟ أم أثبت للإنسانة؟.
1 : حسنا حسنا ، كفانا هذرًا فيما ليس في صالحك ، سأوصي بدراستي بأنك...
3 : دراستـك؟ لا أهتـم بدراستـك.
1 :...
3 : أريد إحساسك ، فإحساس المرأة دائما صادق.
1 : (بأسى وكأن هذه الكلمات أتت على شيء جارح وخفي) لا ، ليس دائما ،، كما وأن إحساسي لا يخدمك بشيء.
3 : أنت مخطئة ، فلا يحتاج المريض ، إلا الشعور والإحساس الصادق.
1 :...
3 : ثم ، ليس هناك ما يدعني أشك بإحساسك اتجاهي ،، فأنا واثـق به.
1 : ومن أين لك بكل هذه الثـقة؟
3 : إلا إذا كنت مخطئــًـا.
1 : أنت مخطئ.
3 : أخانك إحساسك قبلا ً؟
1 :...
3 : صدقيني ، لقد كان صادقــًـا.
1 : (بشيء من الحزن والتعالي) وما أدراك أنت؟!
3 : لأن حينها كان إحساسك صادق ، أمّـا بعد ذلك ، فهو الذي خان نظرتك.
1 :... (تكاد تهم بالبكاء)
3 : فلا أسوء من أن يكون المرء بخلاف ما كنـّـا قد تصورناه في وجداننا.
1 :... (تبكي)
3 : أرجوك ،، ليس هناك ما يستحق هذه الدموع.
1 : نعم ، لما لا ، فلا يجد الرجل سبيلا لقلب المرأة ، غير بوابات الحزن والضعف كي يغزو بها حصون المرأة ،، فضعف الرجال نعرفه من هذا.
3 : وهل علمت ِ الآن ، بأني ضعيف؟
1 : وما أسوء من ضعـف الرجل.
3 : أتراك قد تضررت سبب ذلك.
1 : (بأسى) وأي ضرر كان يا هذا ،، (تهم بالانصراف) أرجوك ،، يجب أن أذهب.
3 : بل يجب أن تتحدثـي.
1 : (بانفعال) إلا ماذا تسعى أيها المجنون؟
3 : وما عسى أن يكون سعيك وأنت في مأمن من أمري ،، فأنت بالكاد رأيتني اليوم ، ولا يضرك لو فتحت قريحتك ، وأن شئت ، لا تأتي إلي غدا ولا بعد ذلك.
1 : وما يفيدك بذلك؟
3 : لأني أبحث عن الإنسان أيتها السيدة ، أبحث عن الحوار ، فهذا يريحني ولعله يريحك كذلك.
1 : (كأنها ترمي عن أحدهم) ليته كان بجنونك هذا ،، فأنت تجعلني أتحسر على ما كنت عليه.
3 : وهذا ما أحاول أن أثبته لنفسي.
1 : بل وتثبت لي كذلك ،، (تبتسم بحزن) أتعرف... ،، أتعرف بأن هذا يدعوا للسخرية.
3 : وأي شيء هذا؟
1 : أيجب على المرأة أن تتعرض لما تتعرض له من الرجل ، كي تعرف؟
3 : ولن تعرف.
1 :... ، أنت على حق ،، (تبكي بحرقة) نعم أنت على حق.
(يدخل الطبيب -2-)
2 : ماذا حصل؟ ما الذي يحدث هنا؟
1 : (تتدارك)...
(ينظر لـ3 نظرة شك)
3 : ما لك تنظر إلي هكذا؟ إن كان لديك ما تقوله ، فتضل.
2 : ما الذي صنعته مع هذه...
1 : لم... ، لم يفعل شيء ، لم يفعل شيء ،، الموضوع...
3 : أرجوك أيتها الطبيبة ، لا متعة أجدها أكثر من التحاور مع هذا الطبيب ،، كنت تسأل بماذا صنعت معها... ، سأجيبك.. ، لقد حققت لك غايتك.
1 : غايته؟!
2 : غايتي؟ عن ماذا تتحدث؟
3 : حدث معها ، كما حدث معك أول مرة.
2 : مـ... مـ... ماذا؟!
3 : وتعلم بأنها ستتعرض لما قد تعرضت له أنت قبلا ، ومن هنا ، أقدم لك هذه السيدة الجميلة على طبق من ذهب ، خذها بعيدا من هنا وتمتع بها وأنت تقتحم بوابات ضعفها ،، فهنيئا لك ما قد صنعته لك.
1 : عن ماذا تتحدث؟
3 : اصمتي أيتها الساذجة الغبية ، فأنت تحتاجين لوقت كبير كي تفهمي الرجال.
2 : أحترم...
3 : (للطبيبة) قد قلت لي قبلا ، بأن من حسن حظ الرجال بأنني قيد الإقامة هنا ، صحيح؟
1 :... (تهز رأسها بإيجاب).
3 : وسألتك بعدها ، وهل من حسن حظ النساء أيضا؟... ، أترى من حسن حظ النساء ،، أم من حسن حظك أنت؟
2:...
3 : فلن تعولا على هذه اللحظات ولن تواجهانها بصدق ، هذا لأنكما قد كنتما في صحبة مجنون ، (للجمهور) وعندما تتذكران تفوقي ستتذكران حينها بأني غير سوي العقل ، وهذا الاعتقاد هو سبيلكما للتسامي على من هو مثلي ،، (بحدة) خذ فريستـك بعيدًا عن هنا ، هيا ، هيا أغربا عن وجهي عليكما اللعنة ،، أغربها عـن وجهي ، هيا.
(1و2 يخرجان)
3 : يا لكم من بائسـين (يطلق ضحكة مدوية).
- الشخصيات:
1/ شابة ، طبيبة نفسانية ، حديثة التخرج.
2/ شاب ، طبيب معالج نفساني.
3/ رجل ، النزيل.
- المسرحية:
(مكان داخلي ، في مشفى للعلاج النفسي ، في إحدى غرف المرضى ، حيث التلفاز والمقاعـد ومكتـبة ، مكان مرتـب وراقـي)
(1و2 يتحدثان وهما على مسافة بعـيدة عـن 3 الذي بدا هادئـًا ، يشاهد التلفاز).
1 : أهو ذلك الرجل ، الذي يتحدث عنه الجميع؟
2 : هو بالفعل ، فكما ترين ، فلا أذكر بأنني قد دخلت عليه مسبقـًـا ، إلا وهو يشاهد التـلفاز.
1 : ما نوعـية تلك البرامج التي يهتم بها؟
2 : تجدينه تواقـًا للبرامج العلمية ، فهو يميل إليها كثيرًا.
1 : كل البرامج العلمية !!
2 : نعم ،، لكنه يهتم ببرامج عالم الحيوان.
(تدوّن هذا في دفتر ملاحظاتها).
1 : وما كل هذه الكتب التي هنا ،، أهي له؟
2 : نعـم.
1 : أيجد الوقت للقراءة؟
2 : يقرأ بين حين وآخر ، وقد لاحظنا بأن القراءة تعمل على هدوءه كثيرًا.
1 : في ماذا يقرأ؟
2 : حول الدين والسياسة والتاريخ ، والفن.
1 : قراءات عـشوائية؟
2 : لا ، ليست كذلك ، (يبتسم) وتستطيعين أن تتلمسي هذا لو وقعتي معه بحوار ما ، ستجدين نفسك في وسط مأزق كبير.
1 : دعنا الآن من هذا الحديث ،، لنذهب إليه ونتحدث معه.
(يذهبان نحو 3 الذي بدا مندمجًا مع التلفاز).
2 : مرحبا يا أستاذ.
3 : (يهم واقفـًـا ، يرحب) أهلا ً بالطبيب الشاب.
2 : كيف أنت اليوم؟
3 : (يـبتسم) عزيزي ، لا تحاول أن تتخذ من وظيفتك هذه ، أن تكون بمثابة الذي يربت على كتف مريضه العاجز.
2 : ماذا تـقصد؟
3 : شرح ذلك يطول ، يطول معك أنت بالتحديد.
2 : آنا أسمعـك.
3 : لا ، أنت لا تريد سماعي ، بل تريد أن تظهر لهذه الفتاة الحسناء مكنون عقلي ، (يغلق التلفاز وينتبه) ثم قل لي الآن أيها الطبيب ، منذ متى وأنت فاقد اللياقة؟
2 :...
3 : أوليس كان من الأجدر بك ... ، أن تعرفني على هذه الحسناء؟
2 :... ها!! أوه ،،... نعم ، (للفتاه) أعرفك على الأستاذ...
3 : قلت لك أن تعرفني ، ولا تعرفها علي ، (للفتاة) فلا بد وأنك أطلعتي ملفي الخاص.
1 : صحيح ،، تشرفت بمعرفتك.
3 : اعتذر نيابة عن الطبيب أيتها الحسناء ،، فصدقيني ، لا أسوء من أن ينسى الرجل وجود فتاة جميلة وهي بمقربه منه ، فأنتي إذن على علم باسمي ومرضي أيضـًـا ،، ومن هنا سيكون لي الشرف في التعرف عليك.
1 : آنا طبيبة نفسانية ، متخرجة حديثــًا ، ولدي بحث ميداني أعمل عـليه.
3 : من هنا أستطيع القول ، بأني أحد ساحاتك الميدانية؟... ، لعل هذا يكون من حسن حظي.
1 :...
3 : فأهلا بك بعالم المجانين.
(يضحك الجميع).
3 : أرجوك سيدتي ، ألا تفضلتي بتشريفي بالجلوس هنا.
(تجلس).
3 : نعم ، أخبريني الآن ، كيف لي أن أساعدك؟.
1 : قد ذكرت " أهلا بك بعالم المجانين " من هم المجانين برأيك؟
3 : (ينظر للطبيب)... ، عزيزتي ،، أترين هذه المكتبة ، وما تحتويه على كل هذه الكتب؟
1 : نعم رأيتها جيدًا.
3 : أنت مثلا ً ، ماذا تحبي أن تقرئي؟.
1 :... ، في مجال تخصّصي.
3 : آنا لم أقل ماذا (يؤكد) يجب أن تقرئي ، بل ماذا تحبي أن تقرئي.
1 : (ترمق الطبيب بنظرة إعجاب مما بادر به 3)... الروايات الغرامية.
3 : لكن لا يوجد لدي روايات غرامية.
1 :...
3 : سألتك إن كنت ، قد أرأيت تلك المكتبة وما بها من كتب؟ فأجتيني بأنك رأيتها جيدًا.
1 :...
3 : دعينا من هذا الأمر الآن ، لو لم تتوفر لديك أيتها القارئة العزيزة ، إلا تلك الكتب ، فأي من هذه الكتب سيكون قريب إلى قلبك.
1 : إذن يجب أن اطلع عليها أولا ً ، أليس كذلك؟.
3 : صحيح ، أرجوك ، خذي وقتـك.
(تتوجه لقراءة عنواين الكتب.)
(الطبيب الشاب ، يأخذ رجل3 جانبًا)
3 : (يربت على كتـفه) كيف هو حالك اليوم؟
2 : بخير.
3 : أراك تتبهى كثيرًا بوجودي هنا.
2 : ماذا؟! وكيف يكون ذلك؟
3 : شخص مثلي ، لا بد وأن يكون بالنسبة لك كتحفة ثمينة ، تجد من خلالها مكانة علمية لوضعك الحقيقي.
2 : (يـبتسم) جيد أن تعرف... ، بأنك تحفة ثمينة.
3 : لا تـبتـسم ،، وأنا أتحدث معك بجدية.
2 : وهل تريد مني أن أعبس بوجهك؟!
3 : أرأيت؟ بأن الخيار الوسط لا وجود له لديك!! ، فعندما أتحدث معك حول جدلية ما ، تفاجئني بابتسامه ، وهي تعبر عن عجزك في المناقشة وتحاول من خلالها التعالي على من هو أمامك ،، وهي ليست إلا ّ وسيلة للتهرب والتملص من الإجابة ، وهو دليل على عجزك.
2 : لا أسـتحق منك كل هذا الهجوم.
3 : لا تحاول أن تكون بمصاف الضحية ، فهو سيضاف إلى رصيدك الخاوي.
2 :...
3 : كما إني لا أشك بأنك تستدرج (يشير للفتاة) ضحاياك من خلال وجودي هنا.
2 : (يـبتــسـم)...
(تأتــي 1).
1 : إن كان لا بد من فرضيتك ، فسأختار... هذا الكتاب.
3 : إذن هذا هو حالي ، مع الأطباء النفسانيون.
1 : وكيف يكون هذا؟
3 : آنا من بين كل النزلاء ، كهذا الكتاب الذي بين يديك ، وهذا طبعـًا بالنسبة لكم أيها الأطباء.
2 : حـسنـًـا ، أكتفي بوجودي هنا ، (لـ3) سأتركك بصحبة ضيفتك ، وسأنضم لكما لاحـقـًـا.
1 : شكرًا لك يا طبيب.
(2 يخرج).
(3 يأخذ الكتاب من يد 1).
3 : إن تسمحي لي من فضلك.
1 : بكل سرور.
3 : قولي لي ، لماذا أعجبت بهذا الكتاب بالذات من بين أمهات الكتب هذه؟
1 : لأنني أحب الاطلاع على الأخبار والسير التاريخية وحكايات التراث وقصصه.
3 : لربما علمتي ، بأنني لا أهتم بمجال واحد للإطلاع والقراءة.
1 : لذا فأنت تهتم بالفن وأمور الدين والسياسة والتاريخ.
3 : بجانب الفلسفة والفيزياء الطبيعية ، وقراءات شتى.
1 : أوتجد وقت كاف ٍ ،، لكل هذا؟!
3 : (يتساءل) أجد الوقت؟! (يبتسم) وما هو الوقت في نظرك؟
1 : لا لا أسمع ، فآنا لا أرغب بأن أخوض معك مناظرة فلسفية حول مسألة الوقت ، أرجوك ،، فلا بد وأنك تستمتع بهذا النوع من المنازلات.
3 : لا لا ، فأنت مخطئة ، فلا حاجة لي بمثل ما وصفت ، لكني أرغب بالتعرف على استعداداتك الفطرية في الأمور والتحاليل الفلسفية ليس إلا ّ.
1 : وما يهمك أن تعرف هذا من الذي هو أمامك؟
3 : كي أعرف على أي مستوى هو من الفهم وللإدراك ، بهذا أستطيع تحديد ولو جزئيا على أي وتيرة يكون عليه النقاش.
1 : إذن تحدث بالطريقة التي تراها أنت مناسبة لك ، وأرجو أن لا تتخذني كالفأر لتجاربك.
3 : معاذ اللة في أن تكوني كذلك ، فأنت أسمى من أن يتم تشبيهك بالفأر ،، إذن ، أين كنا قد انتهينا؟
1 : (تدوّن) الوقت الكافي.
3 : نعم صحيح ، لا يا عزيزتي ، فأنا أعتبر نفسي أمام معلـّـم وعالم كبير (يشير للمكتب) وهذا المعلم يتحدث إلي ، وآنا استمع له من خلال القراءة ،، لكني لا أنكر بأن قراءاتي غير منظمة ، فأنا مدمن ،، أتعطى الكتب.
1 : أو ربما لا تعرف ما تريد.
3 : أعرف بأنني أريد كل شيء تقريبا.
1 : تريد كل شيء تقريبا ، أم تريد أن تعرف كل شيء تقريبا؟
3 : لا ، بل أن أريد كل شيء ،، فمعرفة كل شيئ هو ضرب من المستحيل.
1 : حسنا ، لو كنت شخص مخير الآن ، بماذا ستبدأ؟
3 : ما عساي أن أختار ، وأمامي أمر لا يمكن تجاهله أيتها الحسناء ، ليتني كنت شاعرًا لنظمت بحقك ما عجزت عنه القصائد.
1 : (بخجل) أشكرك.
3 : هي الحقيقة ،، فلا أجمل من ترى المرأة جمالها على لسان وعيون الرجال.
1 : أنت تبالغ.
3 : وحتى لو كنت أبالغ ،، فهذا أيضـًا... يسعد المرأة.
1 : أراك خبيرًا ،، فلا تنزعج مني لو قلت ، بأن من حسن حظ الكثير من الرجال بأنك...
3 : مجنون؟
1 : لا لا عفوًا ،، بل بأنك قيد الإقامة هنا.
3 : والنساء؟
1 : ما شأنهن؟!
3 : هل من حسن حظهن ،، بأنني قيد الإقامة هنا رأيك؟!
(تصمت ، ثم تتدارك).
1 : لا أعرف... ،، بماذا أجيبك.
3 : أفعلا ترين أن وجودي هنا ،، قد خدم الكثير من الرجال؟
1 : لا ، لم أقصد هذا تحديدًا.
3 : فماذا كنت تقصدين إذن؟!
1 :... ، أسمع ،، لقد صرفتني عن ما أنا كنت في صدده ، وأتيت من أجله (تفتح دفتر المذكرة التي بيدها ، لتكتب) قل لي لو سمحت ، عندما كنت طفلا ً هل...
(يتقدم منها)
3 : أرجوك ، اتركي هذا الأمر الآن.
1 : لكني...
3 : (يأخذ منها المذكرة بهدوء) صدقيني أيتها الحسناء ،، فهذه الأوراق لا تحتاج إلى ما سيكتب عليها.
1 : ها!! ،، تحتاج ماذا إذن؟!
3 : تحتاج أن تكون هذه الأصابع (يدها) تسطر عليها ما يدور في وجدانك وخلدك.
1 : أنا... ، أنا طبيبة وأحتاج...
3 : إذن أنت التي تحتاجين ، وليست الأوراق.
1 :... ، (تبتعد) احتاج ماذا؟
3 : الحب ، العطف ، والاهتمام ، والحنان والسكينة والهدوء.
1 : ومن قال بأني بحاجة لكل هذا.
3 : بل وتحتاجين أكثر.
1 : أرجوك ،... ، سـ ، سأراك في وقت لاحق.
3 : أواثـقة أنت؟
1 : من مـاذا؟
3 : أرجوك أن تبقي ، وهذا ليس من أجلي ، لكن من أجلك أنت.
1 : من أجلي أنا؟!
3 : نعم ، فلا أراك إلا وأنت تحتاجيـن أنت تتحدثي معي.
1 : هذا... ، هذا آخر ما احتاج إليه.
3 : ربما أكون آخر ما تحتاجين إليه الآن فعلا ً.
1 : ماذا تعني؟
3 : لا أعني شيء ،، فالتحدث إلي هو في صالحك.
1 : وكيف يكون هذا؟!
3 : لأنني في نظر الجميع ،، مجنون.
1 :...
3 : نعم ، وأنتي على يقين بذلك ، فأنت تتحدثين إلى مجنون ، لكنك تناسيتي هذا ولو قليلا ً ،، أتراني مجنون في نظرك؟
1 : لم آتي إلى هنا كي أقيــّـم وأشخص حالتك ، أنا فقط أعد دراسة ميدانية.
3 : أعرف هذا ،، لكني أسألك ،، أترين بأنني مجنون؟
1 :...
3 : تخجلين الجواب أيتها الطبيبة الحسناء؟!
1 : نعم.. مجنون.
3 : (يبتسم) تجاوبينني بهذا لأنك غاضبة.
1 : لا.
3 : بلا ،، ولن يثـنيـني جوابك عن على ما أنا ساع إليه ، ولن يصادر علي اهتمامي بك.
1 : اهتمامك بي؟! لماذا هذا الاهتمام؟
3 : أجيبيني أيتها الطبيبة الشابة ،، أفعلا بأن النساء يرغبن برجل عاقل؟
1 : هذا... ، هذا... ، هذا يعتمد.
3 : وأنت؟!
1 : لا شأن لك بي.
3 : إذن الجواب ، لا.
1 :...ماذا تحاول أنت تثبت لي أيها الرجل؟!
3 : ماذا أحاول أن أثبت للطبيبة؟ أم أثبت للإنسانة؟.
1 : حسنا حسنا ، كفانا هذرًا فيما ليس في صالحك ، سأوصي بدراستي بأنك...
3 : دراستـك؟ لا أهتـم بدراستـك.
1 :...
3 : أريد إحساسك ، فإحساس المرأة دائما صادق.
1 : (بأسى وكأن هذه الكلمات أتت على شيء جارح وخفي) لا ، ليس دائما ،، كما وأن إحساسي لا يخدمك بشيء.
3 : أنت مخطئة ، فلا يحتاج المريض ، إلا الشعور والإحساس الصادق.
1 :...
3 : ثم ، ليس هناك ما يدعني أشك بإحساسك اتجاهي ،، فأنا واثـق به.
1 : ومن أين لك بكل هذه الثـقة؟
3 : إلا إذا كنت مخطئــًـا.
1 : أنت مخطئ.
3 : أخانك إحساسك قبلا ً؟
1 :...
3 : صدقيني ، لقد كان صادقــًـا.
1 : (بشيء من الحزن والتعالي) وما أدراك أنت؟!
3 : لأن حينها كان إحساسك صادق ، أمّـا بعد ذلك ، فهو الذي خان نظرتك.
1 :... (تكاد تهم بالبكاء)
3 : فلا أسوء من أن يكون المرء بخلاف ما كنـّـا قد تصورناه في وجداننا.
1 :... (تبكي)
3 : أرجوك ،، ليس هناك ما يستحق هذه الدموع.
1 : نعم ، لما لا ، فلا يجد الرجل سبيلا لقلب المرأة ، غير بوابات الحزن والضعف كي يغزو بها حصون المرأة ،، فضعف الرجال نعرفه من هذا.
3 : وهل علمت ِ الآن ، بأني ضعيف؟
1 : وما أسوء من ضعـف الرجل.
3 : أتراك قد تضررت سبب ذلك.
1 : (بأسى) وأي ضرر كان يا هذا ،، (تهم بالانصراف) أرجوك ،، يجب أن أذهب.
3 : بل يجب أن تتحدثـي.
1 : (بانفعال) إلا ماذا تسعى أيها المجنون؟
3 : وما عسى أن يكون سعيك وأنت في مأمن من أمري ،، فأنت بالكاد رأيتني اليوم ، ولا يضرك لو فتحت قريحتك ، وأن شئت ، لا تأتي إلي غدا ولا بعد ذلك.
1 : وما يفيدك بذلك؟
3 : لأني أبحث عن الإنسان أيتها السيدة ، أبحث عن الحوار ، فهذا يريحني ولعله يريحك كذلك.
1 : (كأنها ترمي عن أحدهم) ليته كان بجنونك هذا ،، فأنت تجعلني أتحسر على ما كنت عليه.
3 : وهذا ما أحاول أن أثبته لنفسي.
1 : بل وتثبت لي كذلك ،، (تبتسم بحزن) أتعرف... ،، أتعرف بأن هذا يدعوا للسخرية.
3 : وأي شيء هذا؟
1 : أيجب على المرأة أن تتعرض لما تتعرض له من الرجل ، كي تعرف؟
3 : ولن تعرف.
1 :... ، أنت على حق ،، (تبكي بحرقة) نعم أنت على حق.
(يدخل الطبيب -2-)
2 : ماذا حصل؟ ما الذي يحدث هنا؟
1 : (تتدارك)...
(ينظر لـ3 نظرة شك)
3 : ما لك تنظر إلي هكذا؟ إن كان لديك ما تقوله ، فتضل.
2 : ما الذي صنعته مع هذه...
1 : لم... ، لم يفعل شيء ، لم يفعل شيء ،، الموضوع...
3 : أرجوك أيتها الطبيبة ، لا متعة أجدها أكثر من التحاور مع هذا الطبيب ،، كنت تسأل بماذا صنعت معها... ، سأجيبك.. ، لقد حققت لك غايتك.
1 : غايته؟!
2 : غايتي؟ عن ماذا تتحدث؟
3 : حدث معها ، كما حدث معك أول مرة.
2 : مـ... مـ... ماذا؟!
3 : وتعلم بأنها ستتعرض لما قد تعرضت له أنت قبلا ، ومن هنا ، أقدم لك هذه السيدة الجميلة على طبق من ذهب ، خذها بعيدا من هنا وتمتع بها وأنت تقتحم بوابات ضعفها ،، فهنيئا لك ما قد صنعته لك.
1 : عن ماذا تتحدث؟
3 : اصمتي أيتها الساذجة الغبية ، فأنت تحتاجين لوقت كبير كي تفهمي الرجال.
2 : أحترم...
3 : (للطبيبة) قد قلت لي قبلا ، بأن من حسن حظ الرجال بأنني قيد الإقامة هنا ، صحيح؟
1 :... (تهز رأسها بإيجاب).
3 : وسألتك بعدها ، وهل من حسن حظ النساء أيضا؟... ، أترى من حسن حظ النساء ،، أم من حسن حظك أنت؟
2:...
3 : فلن تعولا على هذه اللحظات ولن تواجهانها بصدق ، هذا لأنكما قد كنتما في صحبة مجنون ، (للجمهور) وعندما تتذكران تفوقي ستتذكران حينها بأني غير سوي العقل ، وهذا الاعتقاد هو سبيلكما للتسامي على من هو مثلي ،، (بحدة) خذ فريستـك بعيدًا عن هنا ، هيا ، هيا أغربا عن وجهي عليكما اللعنة ،، أغربها عـن وجهي ، هيا.
(1و2 يخرجان)
3 : يا لكم من بائسـين (يطلق ضحكة مدوية).