[img][img][/img][/img]
احترام الكبار
بقلم: البابا شنودة الثالث
تعودنا منذ الصغر ان نحترم الكبار, سواء الكبار في محيط الأسرة, أو الكبار في السن أو الرؤساء بصفة عامة, أو أولي الأمر منا. وصارت هذه إحدي القيم, أو إحدي الثوابت التي هي إحدي عناصر الأدب.
>> ولما كبرنا ودخلنا في مجال التعليم أصبح من القيم الثابتة احترام الأستاذ أو المعلم وكما قال أحمد شوقي ـ أمير الشعراء ـ في ذلك:
قف للمعلم وفه التبجيلا*** كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أعظم أو أجل من الذي*** يبني وينشئ أنفسا وعقولا
سبحانك اللهم خير معلم*** أنشأت بالعلم القرون الأولي
أخرجت هذا العقل من ظلماته*** وهديته النور المبين سبيلا
ولما وصلنا إلي الجامعة, صار اساتذتنا في موضع الاحترام و الإجلال منا وننظر اليهم كآباء وأناس في قمة العلم نحترم أشخاصهم ومعلوماتهم كأشخاص بذلوا جهدا ووقتا في البحث والتنقيب الي أن وصلوا إلي هذا الوضع. أين هذا من وقت أصبح فيه الطلبة يطلبون فيه عزل العميد أو حتي رئيس الجامعة!! بل أنه في بعض المدارس, صار التلاميذ الصغار يقولون: لانريد هذا الأستاذ أو ذاك!
وقد تعلمنا ونحن في الجيش احترام الكبار بشكل اعمق من جهة احترام وتوقير الرتبة الاعلي, والخضوع لها والوقوف أمامها في ثبات, لا يستطيع فيها صاحب الرتبة الأقل أن يحرك يديه وهو واقف يتكلم بل أكثر من هذا فانه في الرتبة الواحدة يحترم الشخص من ورد اسمه في الترقية قبلا منه في نفس التاريخ.
وفي الريف كان احترام العمدة احتراما واضحا باعتباره الكبير في القرية, يلجأ اليه الناس ان كان عندهم شكوي ويقبلون حكمه باعتباره القاضي بينهم.
وللأسف نحن نجتاز فترة نعيش فيها في شبه مجتمع لا يعترف بكبير له, وكثيرا ما يسخط علي الكبار ويصغر الكبار في عينيه ويطلب تغييرهم.
>> أذكر أنني عندما كنت فتي منذ نحو75 عاما, حينما انتقلنا من الريف الي القاهرة حيث كانت أسرة زوجة اخي الكبير الذي رباني. انني رأيت جد هذه الاسرة, وكان رجلا مسنا علي المعاش, أنني تقدمت الي هذا الرجل الاشيب فسلمت عليه وقبلت يده ـ حسب أخلاق القرية ـ وهنا ضج الجميع بالضحك! فالتفت لانظر هل قال أحدهم نكتة ضحكوا بسببها؟. وعرفت ان تصرفي في احترام ذلك الشيخ كان هو النكتة!!
>> حقا ان المدينة كانت أكثر من القرية حضارة وتمدنا ولكن القرية كانت اكثر عمقا في حفظ القيم وفي احترام الكبار, ولكن بمرور الوقت حينما تحضرت القرية وتمددت وحينما زحف اليها أهل المدينة وسكنوا فيها حينئذ تغيرت أخلاق القرية كثيرا عن ذي قبل..
>> ان احترام الكبار يبدأ أولا في جو الاسرة باحترام الوالدين ثم بمن هو في مستواهما مثل العم والخال, وبعد ذلك يزحف هذا المبدأ الي دورالحضانة حيث يحترم الطفل مربيته ويحبها وبالمثل في مستوي الـK.G وأيضا مايسمي في أمريكا مثلاDaycare.
>> وبهذا الاسلوب القوي يكون الدخول في مرحلة الشباب حيث قد تعود علي احترام الكبار, ويعتبر ذلك أدبا. واذا بالشباب في عصر الكمبيوتر والنت والفيس بوك يحترم أباه حتي ان كان ذلك الاب يجهل كل هذا الرقي في المعرفة, واذا بصاحب الدكتوراه يحترم اباه حتي لو لم يكن قد حصل علي مثل هذه الدرجة من التعليم وفي نفس الوقت يحترم من لهم خبرة في الحياة أكثر منه.
>> هنا وأقدم مثالا آخر من الكشافة والجوالة وما عندهم من قيم وما لهم من نظام, ثم أسأل عما تقدمه معسكرات للشباب عندنا من حيث برامجها ومن أخرجتهم من أصحاب القيم والمبادئ.
>> وفي احترام ا لكبار أيضا أذكر احترام الأشخاص كبار الشخصية مثل الحكماء والعلماء وأصجاب المواهب ومن تقيم لهم الدولة حفلات تكريم, أو تمنحهم النياشين اعترافا بما وصلوا اليه من عظمة ومن فضل.
وأذكر في هذا المجال ماقاله أحد الشعراء:
إذا كنت في حاجة مرسلا*** فأرسل حكيما ولا توصه.
وان باب أمر عليك التوي** فشارو لبيبا ولا تعصه
>> ان احترام الكبار يشمل بعض الفضائل الاجتماعية ومنها: لا تكلم شخصا أكبر منك, وانت جالس وهو واقف, وان كنت في جلسة حوار, فلاتتول ادارة هذه الجلسة في وجود من هم أكبر منك, ولا تسبق الكل ولا تحتكر الحديث, بل اعط فرصة لغيرك ليتكلم, ولا تحاول ان تعارض كل رأي ولا ترفع صوتك علي من هو اكبر منك ولا تقاطعه في كلامه لكي تتكلم انت ولاتسخر برأي يبديه لك ان تعارض ولكن مع حفظ آداب الحديث.
>> إن عدم احترام الكبار يؤدي الي اخطاء أخطر من هذه وأبشع فقد يتحول الي عدم احترام النظام العام, وعدم احترام القيم والقانون, بل والاعتراض والثورة علي كل شيء, وربما الاعتراض علي أمور بدون دراستها.
نرجو من الله ان يقينا من كل هذا.
نقلاً عن الأهرام
بقلم: البابا شنودة الثالث
تعودنا منذ الصغر ان نحترم الكبار, سواء الكبار في محيط الأسرة, أو الكبار في السن أو الرؤساء بصفة عامة, أو أولي الأمر منا. وصارت هذه إحدي القيم, أو إحدي الثوابت التي هي إحدي عناصر الأدب.
>> ولما كبرنا ودخلنا في مجال التعليم أصبح من القيم الثابتة احترام الأستاذ أو المعلم وكما قال أحمد شوقي ـ أمير الشعراء ـ في ذلك:
قف للمعلم وفه التبجيلا*** كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أعظم أو أجل من الذي*** يبني وينشئ أنفسا وعقولا
سبحانك اللهم خير معلم*** أنشأت بالعلم القرون الأولي
أخرجت هذا العقل من ظلماته*** وهديته النور المبين سبيلا
ولما وصلنا إلي الجامعة, صار اساتذتنا في موضع الاحترام و الإجلال منا وننظر اليهم كآباء وأناس في قمة العلم نحترم أشخاصهم ومعلوماتهم كأشخاص بذلوا جهدا ووقتا في البحث والتنقيب الي أن وصلوا إلي هذا الوضع. أين هذا من وقت أصبح فيه الطلبة يطلبون فيه عزل العميد أو حتي رئيس الجامعة!! بل أنه في بعض المدارس, صار التلاميذ الصغار يقولون: لانريد هذا الأستاذ أو ذاك!
وقد تعلمنا ونحن في الجيش احترام الكبار بشكل اعمق من جهة احترام وتوقير الرتبة الاعلي, والخضوع لها والوقوف أمامها في ثبات, لا يستطيع فيها صاحب الرتبة الأقل أن يحرك يديه وهو واقف يتكلم بل أكثر من هذا فانه في الرتبة الواحدة يحترم الشخص من ورد اسمه في الترقية قبلا منه في نفس التاريخ.
وفي الريف كان احترام العمدة احتراما واضحا باعتباره الكبير في القرية, يلجأ اليه الناس ان كان عندهم شكوي ويقبلون حكمه باعتباره القاضي بينهم.
وللأسف نحن نجتاز فترة نعيش فيها في شبه مجتمع لا يعترف بكبير له, وكثيرا ما يسخط علي الكبار ويصغر الكبار في عينيه ويطلب تغييرهم.
>> أذكر أنني عندما كنت فتي منذ نحو75 عاما, حينما انتقلنا من الريف الي القاهرة حيث كانت أسرة زوجة اخي الكبير الذي رباني. انني رأيت جد هذه الاسرة, وكان رجلا مسنا علي المعاش, أنني تقدمت الي هذا الرجل الاشيب فسلمت عليه وقبلت يده ـ حسب أخلاق القرية ـ وهنا ضج الجميع بالضحك! فالتفت لانظر هل قال أحدهم نكتة ضحكوا بسببها؟. وعرفت ان تصرفي في احترام ذلك الشيخ كان هو النكتة!!
>> حقا ان المدينة كانت أكثر من القرية حضارة وتمدنا ولكن القرية كانت اكثر عمقا في حفظ القيم وفي احترام الكبار, ولكن بمرور الوقت حينما تحضرت القرية وتمددت وحينما زحف اليها أهل المدينة وسكنوا فيها حينئذ تغيرت أخلاق القرية كثيرا عن ذي قبل..
>> ان احترام الكبار يبدأ أولا في جو الاسرة باحترام الوالدين ثم بمن هو في مستواهما مثل العم والخال, وبعد ذلك يزحف هذا المبدأ الي دورالحضانة حيث يحترم الطفل مربيته ويحبها وبالمثل في مستوي الـK.G وأيضا مايسمي في أمريكا مثلاDaycare.
>> وبهذا الاسلوب القوي يكون الدخول في مرحلة الشباب حيث قد تعود علي احترام الكبار, ويعتبر ذلك أدبا. واذا بالشباب في عصر الكمبيوتر والنت والفيس بوك يحترم أباه حتي ان كان ذلك الاب يجهل كل هذا الرقي في المعرفة, واذا بصاحب الدكتوراه يحترم اباه حتي لو لم يكن قد حصل علي مثل هذه الدرجة من التعليم وفي نفس الوقت يحترم من لهم خبرة في الحياة أكثر منه.
>> هنا وأقدم مثالا آخر من الكشافة والجوالة وما عندهم من قيم وما لهم من نظام, ثم أسأل عما تقدمه معسكرات للشباب عندنا من حيث برامجها ومن أخرجتهم من أصحاب القيم والمبادئ.
>> وفي احترام ا لكبار أيضا أذكر احترام الأشخاص كبار الشخصية مثل الحكماء والعلماء وأصجاب المواهب ومن تقيم لهم الدولة حفلات تكريم, أو تمنحهم النياشين اعترافا بما وصلوا اليه من عظمة ومن فضل.
وأذكر في هذا المجال ماقاله أحد الشعراء:
إذا كنت في حاجة مرسلا*** فأرسل حكيما ولا توصه.
وان باب أمر عليك التوي** فشارو لبيبا ولا تعصه
>> ان احترام الكبار يشمل بعض الفضائل الاجتماعية ومنها: لا تكلم شخصا أكبر منك, وانت جالس وهو واقف, وان كنت في جلسة حوار, فلاتتول ادارة هذه الجلسة في وجود من هم أكبر منك, ولا تسبق الكل ولا تحتكر الحديث, بل اعط فرصة لغيرك ليتكلم, ولا تحاول ان تعارض كل رأي ولا ترفع صوتك علي من هو اكبر منك ولا تقاطعه في كلامه لكي تتكلم انت ولاتسخر برأي يبديه لك ان تعارض ولكن مع حفظ آداب الحديث.
>> إن عدم احترام الكبار يؤدي الي اخطاء أخطر من هذه وأبشع فقد يتحول الي عدم احترام النظام العام, وعدم احترام القيم والقانون, بل والاعتراض والثورة علي كل شيء, وربما الاعتراض علي أمور بدون دراستها.
نرجو من الله ان يقينا من كل هذا.
نقلاً عن الأهرام