الراعي والأجير
حدّثنا ربنا يسوع له المجد في إنجيل يوحنا (ص10) عن علاقته بنا، وشبّهها بعلاقة الراعي بالخراف.. وهو تشبيه تكرّر كثيرًا أيضًا في العهد القديم.. "أنا أرعى غنمي وأربضها، يقول السيّد الرب. وأطلب الضال، وأستردّ المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح.. وأرعاها بعدلٍ... وأنتم يا غنمي غنم مرعايَ أناسٌ أنتم. أنا إلهكم يقول السيِّد الرب" (حز34).. "هوذا السيّد الرب بقوّةٍ يأتي.. كراعٍ يرعى قطيعه، ...بذراعه يجمع الحِملان، وفي حضنه يحملها، ويقود المُرضِعات" (إش40).
وفي حديث السيّد المسيح أيضًا نجد أمامنا مقارنتين هامّتين؛ الأولى بين الراعي الحقيقي الذي يدخُل من الباب وبين السرّاق واللصوص الذين يحاولون التسلُّل إلى الخراف من مواضع أخرى.. والمقارنة الثانية يؤكِّد فيها أنّ هناك فارق شاسع بين الراعي الصالح وبين الأجير.. وهذه المقارنة هي موضوع حديثنا في هذا المقال..
يصفّ السيّد المسيح الأجير بأنّه لا يبالي بالخراف، ولا يهتمّ بسلامتهم أو منفعتهم.. هو يهتمّ فقط بأن يأخُذ أجرته ويركِّز على مصلحته الشخصيّة.. لذلك إذا رأى الذِّئب مُقبلاً يهرب ويترك الخراف، فيعتدي الذِّئب على الخراف ويبدِّدها.. وأحيانًا يكون الأجير أسوأ من ذلك عندما يتشبّه بالذئاب ويعتدي على الخراف ويذبحها بنفسه، ويريق دماءها على الأرض، وهو المُفتَرَض أن يكون حامي الخراف.. فإذا فعل هذا فهو بالتأكيد أجير ولا يصلح أبدًا لرعاية الخراف..
أمّا الراعي الحقيقي فهو يضع الاهتمام بخرافه في المقام الأول.. يحفظها بأسمائها، ويقودها في طريقٍ آمِنة، ويمنحها حرّيّة الحركة فتدخُل وتخرُج وتجد مراعٍ غنيّة مُشبِعة.. ومع مرور الأيام تتكوّن علاقة وثيقة بينه وبين خرافه، فتستطيع الخراف أن تميِّز صوته بوضوح وتتبعه حيثما يذهب، أمّا الغريب والأجير فلا تتبعهما ولا تطمئن لهما أبدًا، لأنّها لا ترى فيهما الحُب ولا الإخلاص..
وإذا انتقلنا للحياة العمليّة فإنّنا نرى أنّ الشعوب الحُرّة المُتحضِّرة دائمًا تختار في مواقع القيادة لديها مَن ترى فيه سمات الراعي وليس صفات الأجير، وحتّى إن خُدِعَت في بعض الذئاب الذين يُتقِنون فنّ التنكُّر، ويتخفُّون في ثياب الرعاة، فهي بسرعة تكتشف أنّهم أُجَرَاء ولا يصلحون مُطلقًا لرعاية الشعب، فيتخلّصون منهم بسرعة في أول انتخابات ويأتون بغيرهم.
ولعلّنا نرى في هذا الزمان بعض الحُكّام الذين يفرضون أنفسهم على شعوبهم، ولا يريدون أن يتنازلوا أبدًا عن كراسي السُّلطة، بمنطق: "نحكمكم أو نقتلكم"..!! هؤلاء بالتأكيد أُجَراء لا يهتمُّون بأحوال الرعيّة، وينطبق عليهم قول الكتاب أنّهم يرعون أنفسهم وليس الرعيّة (حز34)..
هذه الأمور دائمًا واردة في الممالك الأرضيّة.. أمّا أولاد الله فهُم أعضاء في مملكة سماويّة، مَلِكهم محبّ وعادل، وديع ومنصور.. لذلك تجدهم في جميع الأحوال سعداء ومطمئنين لرعاية هذا الملك، الراعي الصالح الذي يحميهم ويقودهم ويُشبِعهم، حتّى وإن تعرّضوا على مستوى الوطن الأرضي لوجود أُجَرَاء في مواقع قيادة البلاد، لا يبالون بمصالحهم، بل أحيانًا يعتدون عليهم، فهم يثقون أن ملكهم أقوى من الكلّ.. هو يدافع عنهم ويحوِّل كلّ الأمور لخيرهم.. وهو دائمًا ملجأهم الأمين وحصنهم الحصين..
ومن هنا لا يجب أن ننزعج أبدًا إذا صادفنا في حياتنا وجود أُجَراء في موقع الرعاية، لأنّنا في رعاية إله عظيم لا يهملنا ولا يترك أبدًا جميع المتّكلين عليه، وهو قادر على خلاصنا، مهما كانت شراسة الأعداء، فهو "المتكلِّم بالبِرّ العظيم للخلاص" (إش63: 1).. قد يسمح بأن ندخُل في ضيقات شديدة لدرجة الموت "لكي لا نكون متّكلين على أنفسنا، بل على الله الذي يقيم الأموات. الذي نجّانا من موتٍ مثل هذا، وهو ينجّي، الذي لنا رجاء فيه أنّه سينجّي أيضًا فيما بعد" (2كو1: 9-10).
يصفّ السيّد المسيح الأجير بأنّه لا يبالي بالخراف، ولا يهتمّ بسلامتهم أو منفعتهم.. هو يهتمّ فقط بأن يأخُذ أجرته ويركِّز على مصلحته الشخصيّة.. لذلك إذا رأى الذِّئب مُقبلاً يهرب ويترك الخراف، فيعتدي الذِّئب على الخراف ويبدِّدها.. وأحيانًا يكون الأجير أسوأ من ذلك عندما يتشبّه بالذئاب ويعتدي على الخراف ويذبحها بنفسه، ويريق دماءها على الأرض، وهو المُفتَرَض أن يكون حامي الخراف.. فإذا فعل هذا فهو بالتأكيد أجير ولا يصلح أبدًا لرعاية الخراف..
أمّا الراعي الحقيقي فهو يضع الاهتمام بخرافه في المقام الأول.. يحفظها بأسمائها، ويقودها في طريقٍ آمِنة، ويمنحها حرّيّة الحركة فتدخُل وتخرُج وتجد مراعٍ غنيّة مُشبِعة.. ومع مرور الأيام تتكوّن علاقة وثيقة بينه وبين خرافه، فتستطيع الخراف أن تميِّز صوته بوضوح وتتبعه حيثما يذهب، أمّا الغريب والأجير فلا تتبعهما ولا تطمئن لهما أبدًا، لأنّها لا ترى فيهما الحُب ولا الإخلاص..
وإذا انتقلنا للحياة العمليّة فإنّنا نرى أنّ الشعوب الحُرّة المُتحضِّرة دائمًا تختار في مواقع القيادة لديها مَن ترى فيه سمات الراعي وليس صفات الأجير، وحتّى إن خُدِعَت في بعض الذئاب الذين يُتقِنون فنّ التنكُّر، ويتخفُّون في ثياب الرعاة، فهي بسرعة تكتشف أنّهم أُجَرَاء ولا يصلحون مُطلقًا لرعاية الشعب، فيتخلّصون منهم بسرعة في أول انتخابات ويأتون بغيرهم.
ولعلّنا نرى في هذا الزمان بعض الحُكّام الذين يفرضون أنفسهم على شعوبهم، ولا يريدون أن يتنازلوا أبدًا عن كراسي السُّلطة، بمنطق: "نحكمكم أو نقتلكم"..!! هؤلاء بالتأكيد أُجَراء لا يهتمُّون بأحوال الرعيّة، وينطبق عليهم قول الكتاب أنّهم يرعون أنفسهم وليس الرعيّة (حز34)..
هذه الأمور دائمًا واردة في الممالك الأرضيّة.. أمّا أولاد الله فهُم أعضاء في مملكة سماويّة، مَلِكهم محبّ وعادل، وديع ومنصور.. لذلك تجدهم في جميع الأحوال سعداء ومطمئنين لرعاية هذا الملك، الراعي الصالح الذي يحميهم ويقودهم ويُشبِعهم، حتّى وإن تعرّضوا على مستوى الوطن الأرضي لوجود أُجَرَاء في مواقع قيادة البلاد، لا يبالون بمصالحهم، بل أحيانًا يعتدون عليهم، فهم يثقون أن ملكهم أقوى من الكلّ.. هو يدافع عنهم ويحوِّل كلّ الأمور لخيرهم.. وهو دائمًا ملجأهم الأمين وحصنهم الحصين..
ومن هنا لا يجب أن ننزعج أبدًا إذا صادفنا في حياتنا وجود أُجَراء في موقع الرعاية، لأنّنا في رعاية إله عظيم لا يهملنا ولا يترك أبدًا جميع المتّكلين عليه، وهو قادر على خلاصنا، مهما كانت شراسة الأعداء، فهو "المتكلِّم بالبِرّ العظيم للخلاص" (إش63: 1).. قد يسمح بأن ندخُل في ضيقات شديدة لدرجة الموت "لكي لا نكون متّكلين على أنفسنا، بل على الله الذي يقيم الأموات. الذي نجّانا من موتٍ مثل هذا، وهو ينجّي، الذي لنا رجاء فيه أنّه سينجّي أيضًا فيما بعد" (2كو1: 9-10).
وأخيرًا فإنّ أعظم ما نراه في راعينا الصالح أنّه يبذُل نفسَه عن الخراف، ويضع حياته حتّى الموت من أجل حياة خرافه.. فهو يعطيها حياةَ أبديّة بموته عنها.. وهذا عكس ما يفعله الأجير أو حتّى أيّ راعٍ آخَر.. فالراعي العادي يُربّي الخراف لكي في النهاية يذبحها ويأكلها، أو يبيعها ويستفيد بثمنها.. أمّا راعينا الصالح فهو يقدِّم نفسه من أجلنا للذبح حتّى نأكله ونحيا به إلى الأبد..!
إنّه حقًّا أمرٌ مُدهِش، أنّ نجد راعيًا بمثل هذا الطراز الفريد.. يبذُل نفسه عن خرافه كذبيحة يتغذّى بها الخراف، وينالون حياتهم من خلالها..!!
"أيها الرب إله القوّات: طوبى للإنسان المتّكل عليك" (مز84: 12).. وطوبى للشعب الذي تكون أنت راعيه..!
القمص يوحنا نصيف
إنّه حقًّا أمرٌ مُدهِش، أنّ نجد راعيًا بمثل هذا الطراز الفريد.. يبذُل نفسه عن خرافه كذبيحة يتغذّى بها الخراف، وينالون حياتهم من خلالها..!!
"أيها الرب إله القوّات: طوبى للإنسان المتّكل عليك" (مز84: 12).. وطوبى للشعب الذي تكون أنت راعيه..!
القمص يوحنا نصيف